Selasa, 01 Juni 2010

TAFSIR TENTANG ISRA MIRAJ VERSI THOBARI
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
القول في تأويل قوله تعالى : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) }
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري : يعني تعالى ذكره بقوله تعالى(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا) تنزيها للذي أسرى بعبده وتبرئة له مما يقول فيه المشركون من أنَّ له من خلقه شريكا : وأن له صاحبة وولدا ، وعلوّا له وتعظيما عما أضافوه إليه ، ونسبوه من جهالاتهم وخطأ أقوالهم.
وقد بيَّنت فيما مضى قبل ، أن قوله : سبحان : اسم وُضع موضع المصدر ، فنصب لوقوعه موقعه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقد كان بعضهم يقول : نصب لأنه غير موصوف ، وللعرب في التسبيح أماكن تستعمله فيها ، فمنها الصلاة ، كان كثير من أهل التأويل يتأوّلون قول الله(فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ) : فلولا أنه كان من المصلين. ومنها الاستثناء ، كان بعضهم يتأول قول الله تعالى(ألَمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) : لولا تستثنون ، وزعم أن ذلك لغة لبعض أهل اليمن ، ويستشهد لصحة تأويله ذلك بقوله( إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ )( قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ ) فذكرهم تركهم الاستثناء. ومنها النور ، وكان بعضهم يتأوّل في الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " لَولا ذلكَ لأحْرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِهِ ما أدْرَكَتْ مِنْ شَيْء " أنه عنى بقوله سبحات وجهه : نور وجهه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ،
(17/329)
________________________________________
قال : أخبرنا الثوريّ ، عن عثمان بن موهب ، عن موسى بن طلحة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم " أنه سُئل عن التسبيح أن يقول الإنسان : سُبْحان الله ، قال : " إنزاهُ الله عَنِ السُّوءِ " .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عبدة بن سليمان ، عن الحسن بن صالح ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : سبحان الله : قال : إنكاف لله. وقد ذكرنا من الآثار في ذلك ما فيه الكفاية فيما مضى من كتابنا هذا قبل. والإسراء والسُّرى : سير الليل. فمن قال : أسَرْى ، قال : يُسري إسراء ؛ ومن قال : سرى ، قال : يَسري سرى ، كما قاله الشاعر :
ولَيْلَةٍ ذَاتِ دُجىً سَرَبْتُ... ولَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُواها لَيْتُ (1)
ويروى : ذات ندى سَريْت.
ويعني بقوله(لَيْلا) من الليل. وكذلك كان حُذيفة بن اليمان يقرؤها.
حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش ورجل يحدّث عنده بحديث حين أسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : لا تجيء بمثل عاصم ولا زر ، قال : قرأ حُذيفة : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ مِنَ اللَّيْلِ مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرَام إلى المَسْجِدِ الأقْصَى) وكذا قرأ عبد الله.
وأما قوله(مِنَ المَسْجِدِ الحَرَام) فإنه اختُلف فيه وفي معناه ، فقال بعضهم : يعني من الحرم ، وقال : الحرم كله مسجد. وقد بيَّنا ذلك في غير
__________
(1) البيتان في (اللسان : ليت) شاهدا على أنه لاته عن وجهه يليته ويلوته ليتا : حبسه عن وجهه وصرفه قال الراجز : " وليلة ذات سرى سريت " .... إلخ. وقيل معنى هذا : لم يلتني عن سراها أن أتندم فأقول : ليتني ما سريتها. وقيل معناه : لم يصرفني عن سراها صارف ، أي لم يلتني لائت ، فوضع المصدر موضع الاسم . وفي التهذيب : أن لم يلتني عنها نقص ولا عجز . وكذلك ألاته عن وجهه : فعل وأفعل : بمعنى . أ هـ . و (في اللسان : سرى) السرى : سير الليل : عامته ، وقيل السرى : سير الليل كله ، تذكره العرب وتؤنثه . وسريت سرى ومسرى ، وأسريت : بمعنى : إذا سرت ليلا . بالألف : لغة أهل الحجاز. وجاء القرآن العزيز بهما جميعا. أ هـ . وعلى هذا استشهد المؤلف بالبيت. وقال السهيلي في الروض الأنف (1 : 243) اتفقت الرواة على تسميته إسراء ، ولم يسمه أحد منهم سرى ، وإن كان أهل اللغة قد قالوا : سرى ، وأسرى بمعنى واحد ، فدل على أن أهل اللغة لم يحققوا في العبارة .. إلى أن قال : لا يجوز أن يقال : سرى بعبده ، بوجه من الوجوه ؛ فلذلك لم تأت التلاوة إلا بوجه واحد في هذه القصة. أ ه.
(17/330)
________________________________________
موضع من كتابنا هذا. وقال : وقد ذُكر لنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان ليلة أُسري به إلى المسجد الأقصى كان نائما في بيت أمّ هانئ ابنة أبي طالب.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثني محمد بن السائب ، عن أبي صالح بن باذام عن أمّ هانئ بنت أبي طالب ، في مسرى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنها كانت تقول : ما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي نائم عندي تلك الليلة ، فصلى العشاء الآخرة ، ثم نام ونمنا ، فلما كان قُبيل الفجر ، أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا معه قال : " يا أمّ هانِئٍ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَكُمْ العِشاءَ الآخِرَةَ كَمَا رأيْت بِهَذَا الوَادِي ، ثُمَّ جِئْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاةَ الغدَاةِ مَعَكُمُ الآنَ كَمَا تَرينَ " .
وقال آخرون : بل أُسري به من المسجد ، وفيه كان حين أسري به.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر بن عدي ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن
(17/331)
________________________________________
أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة ، وهو رجل من قومه قال : قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : " بَيْنا أَنا عِنْدَ البَيْتِ بينَ النَّائِم واليَقْظَانِ ، إِذْ سَمعْتُ قائلا يَقُولُ أَحَدُ الثلاثَةِ ، فأتيت بطسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مِنْ ماءِ زَمْزَمَ ، فَشَرَحَ صَدْرِي إلى كَذَا وكَذَا ، قال قتادة : قلت : ما يعني به ؟ قال : إلى أسفل بطنه ؛ قال : فاسْتَخْرَجَ قَلْبِي فَغُسلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ ، ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانا وَحِكْمَةً ، ثُمَّ أتِيتُ بِدَابَّةٍ أبْيَض " ، وفي رواية أخرى : " بِدَابَّة بَيْضَاءُ يُقال لَهُ البُرَاقُ ، فَوْقَ الحِمارِ وَدُونَ البَغْلِ يَقَعُ خَطْوُهُ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ، فحُمِلْتُ عَلَيْه ثُمَّ انْطَلَقْنا حتى أتَيْنَا إلى بَيْتِ المَقْدِسِ فَصَلَّيْتُ فِيهِ بالنَّبِيينَ والمُرْسَلِينَ إماما ، ثُمَّ عُرِجَ بِي إلى السَّماءِ الدُّنْيا " .... فذكر الحديث.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا خالد بن الحرث ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك ، يعني ابن صعصعة رجل من قومه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عديّ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة رجل من قومه ، قال : قال نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : قال محمد بن إسحاق : ثني عمرو بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن أبي الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَيْنا أنا نائمٌ في الحِجْر جاءَنِي جِبْرِيلُ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ ، فَجَلَسْتُ فَلَمْ أرَ شَيْئا ، فَعُدْتُ لمَضْجَعِي ، فجاءَني الثَّانِيةَ فَهَمَزَنِي بقَدَمِهِ ، فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئا ، فَعُدْتُ لمَضْجَعِي ، فجاءَني الثَّالِثَةَ فَهَمَزَنِي بقَدَمِهِ ، فَجَلَسْتُ ، فَأخَذَ بعَضُدِي فَقُمْتُ مَعَهُ ، فَخَرَجَ بِي إلى بابِ المَسْجِدِ ، فإذَا دَابَّةٌ بَيْضَاءُ بينَ الحِمارِ والبَغْلِ ، لَهُ فِي فَخِذَيْهِ جنَاحان يَحْفِزُ بِهما رِجْلَيْهِ ، يَضَعُ يَدَهُ فِي مُنْتَهَى طَرْفِه ، فحَمَلَني عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مَعي ، لا يَفُوتُني ولا أفُوتُهُ " .
حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر (1) قال : سمعت أنسا يحدثنا عن ليلة المسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أوّلهم : أيهم هو ؟ قال : أوسطهم هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا خيرهم ، فكانت تلك الليلة ، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى فيما يرى قلبه ، والنبيّ صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ، ولا ينام قلبه. وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ، ولا تنام قلوبهم. فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم جبرائيل عليه السلام ، فشقّ ما بين نحره إلى لبَّته ، حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ، ثم أُتِيَ بطست من ذهب فيه تور محشوّ إيمانا وحكمة ، فحشا به جوفه وصدره
__________
(1) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (المطبعة المصرية 2 : 210) ذكر البخاري رحمه الله رواية شريك هذه عن أنس في صحيحه وأتى بالحديث مطولا. قال الحافظ عبد الحق رحمه الله في كتابه (الجمع بين الصحيحين) بعد ذكر هذه الرواية : هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك بن أبي نمر عن أنس ، وقد زاد فيه زيادة مجهولة ، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة . وقد روى حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتقنين ، والأئمة المشهورين ، كابن شهاب ، وثابت البناني وقتادة (يعني عن أنس) فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك ، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث. وانظر أيضا ما قاله الشهاب الخفاجي في (نسيم الرياض في شرح فاء القاضي عياض 2 : 243 - 244 ، في نقده لرواية شريك بن أبي نمر سندا ومتنا).
(17/332)
________________________________________
ولغاديده (1) ثم أطبقه ثم ركب البراق ، فسار حتى أتى به إلى بيت المقدس فصلى فيه بالنَّبيين والمرسلين إماما ، ثم عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء : من هذا ؟ قال : هذا جبرائيل ، قيل : من معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بُعث إليه (2) ؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا به وأهلا فيستبشر به أهل السماء ، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله بأهل الأرض حتى يُعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال له جبرائيل : هذا أبوك ، فسلَّم عليه ، فردّ عليه ، فقال : مرحبا بك وأهلا يا بني ، فنعم الابن أنت ، ثم مضى به إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ فقال : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قد أُرسل إليه ، فقيل : مرحبا به وأهلا ففُتح لهما ؛ فلما صعد فيها فإذا هو بنهرين يجريان ، فقال : ما هذان النهران يا جبرائيل ؟ قال : هذا النيل والفرات عنصرهما (3) ؛ ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بُعث إليه ؟ قال : نعم قد بُعث إليه ، قيل : مرحبا به وأهلا ففُتح له فإذا هو بنهر عليه قباب وقصور من لؤلؤ وزبرجد وياقوت ، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله ، فذهب يشمّ ترابه ، فإذا هو مسك أذفر ، فقال : يا جبرائيل ما هذا النهر ؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك في الآخرة ؛ ثم عرج به إلى الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك ؛ ثم عرج به إلى الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك ؛ ثم عرج به إلى السادسة ، فقالوا له مثل ذلك ؛ ثم عرج به إلى السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، وكلّ سماء فيها أنبياء قد سماهم أنس ، فوعيت منهم إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة ، وموسى في السابعة بتفضيل كلامه الله ، فقال موسى : رب لم أظن أن يرفع عليّ أحد ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا باب الجبَّار ربّ العزّة ، فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما شاء ، وأوحى الله فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه ، فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : " عهد إليّ خمسين صلاة على أمتي كل يوم وليلة ؛ قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فارجع فليخفف عنك وعنهم ، فالتفتّ إلى جبرائيل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار إليه أن نعم ، فعاد به جبرائيل حتى أتى الجبَّار عزّ وجلّ وهو مكانه ، فقال : " ربّ خفف عنا ، فإن أمتي لا تستطيع هذا ، فوضع عنه عشر صلوات ؛ ثم رجع إلى موسى عليه السلام فاحتبسه ، فلم يزل يردّده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه عند الخمس ، فقال : يا محمد قد والله راودتُ بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس ، فضعفوا وتركوه ، فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبصارا وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كلّ ذلك يلتفت إلى جبرائيل ليشير عليه ، ولا يكره ذلك جبرائيل ، فرفعه عند الخمس ، فقال : يا ربّ إن أمتي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم ، فخفف عنا ، قال الجبَّار جلّ جلاله : يا محمد ، قال : لبَيك وسعديك ، فقال : إني لا يُبدّل القول لديّ كما كتبت عليك في أمّ الكتاب ، ولك بكلّ حسنة عشر أمثالها ، وهي خمسون في أمّ الكتاب ، وهي خمس عليك ؛ فرجع إلى موسى ، فقال : كيف فعلت ؟ فقال : خفَّف عني ، أعطانا بكلّ حسنة عشر أمثالها ، قال : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فتركوه فارجع فليخفف عنك أيضا ، قال : " يا موسى قد والله استحييت من ربي مما أختلف إليه ، قال : فاهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : إن الله عزّ وجلّ أخبر أنه أسرى بعبده من المسجد الحرام والمسجد الحرام هو الذي يتعارفه الناس بينهم إذا ذكروه ، وقوله(إلى المَسْجِدِ الأقْصَى) يعني : مسجد بيت المقدس ، وقيل له : الأقصى ، لأنه أبعد المساجد التي تزار ، ويُبتغَى في زيارته الفضل بعد المسجد الحرام. فتأويل الكلام تنزيها لله ، وتبرئة له مما نحله المشركون من الإشراك والأنداد والصاحبة ، وما يجلّ عنه جلّ جلاله ، الذي سار بعبده ليلا من بيته الحرام إلى بيته الأقصى.
__________
(1) في البخاري (باب التوحيد) : فحشا به صدوره ولغاديده ، يعني عروق حلقه.
(2) في البخاري (طبعة الحلبي 9 : 183) : " وقد بعث " . وقد أبقينا رواية المؤلف كما هي ، لاختلاف نسخ البخاري في رواية بعض الكلم.
(3) كذا في البخاري أيضا.
(17/333)
________________________________________
ثم اختلف أهل العلم في صفة إسراء الله تبارك وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فقال بعضهم : أسرى الله بجسده ، فسار به ليلا على البُراق من بيته الحرام إلى بيته الأقصى حتى أتاه ، فأراه ما شاء أن يريه من عجائب أمره وعبره وعظيم سُلطانه ، فجمعت له به الأنبياء ، فصلى بهم هُنالك ، وعَرج به إلى السماء حتى صعد به فوق السماوات السبع ، وأوحى إليه هنالك ما شاء أن يوحي ثم رجع إلى المسجد الحرام من ليلته ، فصلى به صلاة الصبح.
* ذكر من قال ذلك ، وذكر بعض الروايات التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيحه.
حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسري به على البُراق ، وهي دابَّة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام ، يقع حافرها موضع طرفها ، قال : فمرّت بعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية ، فنفرت العير ، وفيها بعير عليه غرارتان : سوداء ، وزرقاء ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتى بقدحين : قدح خمر ، وقدح لبن ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن ، فقال له جبرائيل : هُديت إلى الفطرة ، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك. قال ابن شهاب : فأخبرني ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي هناك إبراهيم موسى وعيسى ، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " فَأمَّا مُوسَى فَضَرْبٌ رَجْلُ الرأسِ كأنَّهُ مِنْ رِجالِ شَنُوءَةَ ، وأمَّا عِيسَى فَرَجْلٌ أحْمَرُ كأنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ ، فأشْبَهُ مَنْ رأيْتُ بِهِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ؛ وأمَّا إبْرَاهِيمُ فأنا أشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ ؛ فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حدث قريشا أنه أُسري به. قال عبد الله : فارتدّ ناس كثير بعد ما أسلموا ، قال أبو سلمة : فأتى أبو بكر الصدّيق ، فقيل له : هل لك في صاحبك ، يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة ، قال أبو بكر : أوقال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : فأشهد إن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة ؟ قال : إني أصدّقه بأبعد من ذلك ، أصدّقه بخبر
(17/335)
________________________________________
السماء. قال أبو سلمة : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لما كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فَمَثَّلَ الله لي بَيْتَ المَقْدِسِ ، فَطَفِقتُ أُخْبرُهُم عَنْ آياتِهِ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ " .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن أنس بن مالك ، قال : لما جاء جبرائيل عليه السلام بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنها ضربت بذنبها ، فقال لها جبرائيل : مه يا براق ، فوالله إن ركبك مثله ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو بعجوز ناء عن الطريق : أي على جنب الطريق.
قال أبو جعفر : ينبغي أن يقال : نائية ، ولكن أسقط منها التأنيث.
فقال : " ما هذه يا جبرائيل ؟ قال : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير ، فإذا شيء يدعوه متنحيا عن الطريق يقول : هلمّ يا محمد ، قال جبرائيل : سر يا محمد ، فسار ما شاء الله أن يسير ؛ قال : ثم لقيه خلق من الخلائق ، فقال أحدهم : السلام عليك يا أوّل ، والسلام عليك يا آخر ، والسلام عليك يا حاشر ، فقال له جبرائيل : اردد السلام يا محمد ، قال : فردّ السلام ، ثم لقيه الثاني ، فقال له مثل مقالة الأوّلين (1) حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الماء واللبن والخمر ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبرائيل : أصبت يا محمد الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمتك ، ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء ، فأمَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة. ثم قال له جبرائيل : أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق ، فلم يبق من الدنيا إلا بقدر ما بقي من عمر تلك العجوز ، وأما الذي أراد أن تميل إليه ، فذاك عدوّ الله إبليس ، أراد أن تميل إليه ؛ وأما الذين سلَّموا عليك ، فذاك إبراهيم وموسى وعيسى " .
حدثني عليّ بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، قال : أخبرنا أبو جعفر
__________
(1) نص العبارة في الدر المنثور للسيوطي (4 : 139) ثم بقية الثانية ، فقال له مثل ذلك ، ثم الثالثة كذلك ، ولعل في الكلام سقطا.
(17/336)
________________________________________
الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة أو غيره " شكّ أبو جعفر " في قول الله عزّ وجلّ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) قال : جاء جبرائيل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل ، فقال جبرائيل لميكائيل : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ، وأشرح له صدره ، قال : فشقّ عن بطنه ، فغسله ثلاث مرّات ، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم ، فشرح صدره ، ونزع ما كان فيه من غلّ ، وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما ، وختم بين كتفيه بخاتم النبوّة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه كلّ خطوة منه منتهى طرفه وأقصى بصره ، قال : فسار وسار معه جبرائيل عليه السلام ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : يا جبْرَائيلُ ما هَذَا ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تُضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ؛ ثم أتى على قوم تُرضخ رءوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت كما كانت ، لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : ما هؤلاء يا جبرائِيل ؟ قال : هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة ؛ ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ، ويأكلون الضريع والزقُّوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : ما هَؤُلاء يا جَبْرائِيلُ ؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدّون صدقات أموالهم ، وما ظلمهم الله شيئا ، وما الله بظلام للعبيد ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدور ، ولحم آخر نيء قذر خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيء ، ويدَعون النضيج الطَّيب ، فقال : ما هَؤُلاء يا جَبْرائِيلُ ؟ قال : هذا الرجل من أمتك ، تكون عنده المرأة الحلال الطَّيب ، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا ، فتبيت معه حتى تصبح ؛ قال : ثم أتى على خشبة في الطريق لا يمرّ بها ثوب إلا شقَّته ، ولا شيء إلا خرقته ، قال : ما هَذَا يا جَبْرائِيلُ ؟ قال : هذا مثَل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه. ثم قرأ(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ ...) الآية. ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع ح ملها ، وهو يزيد عليها ، فقال : ما هذا يا جَبْرائِيلُ ؟ قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ، وهو يزيد عليها ، ويريد أن يحملها ، فلا يستطيع ذلك ؛ ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : ما هؤلاء يا جَبْرائِيلُ ؟ فقال : هؤلاء خطباء أمتك خطباء الفتنة يقولون ما لا يفعلون ، ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : ما هَذَا يا جَبْرائِيلُ ؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها ، فلا يستطيع أن يردّها ، ثم أتى على واد ، فوجد ريحا طيبة باردة ، وفيه ريح المسك ، وسمع صوتا ، فقال : يا جَبْرَائِيلُ ما هَذِهِ الرّيحُ الطَّيِّبَةُ البارِدَة وهَذِهِ الرَّائحَةُ الَّتي كَرِيحِ المسْكِ ، ومَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قال : هذا صوت الجنة تقول : يا ربّ آتني ما وعدتني ، فقد كثرت غرفي وإستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ، ولؤلؤي ومرجاني ، وفضتي وذهبي ، وأكوابي وصحافي وأباريقي ، وفواكهي ونخلي ورماني ، ولبني وخمري ، فآتني ما وعدتني ، فقال : لك كلّ مسلم ومسلمة ، ومؤمن ومؤمنة ، ومن آمن بي وبرسلي ، وعمل صالحا ولم يُشرك بي ، ولم يتخذ من دوني أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ، ومن سألني أعطيته ، ومن أقرضني جزيته ، ومن توكَّل عليّ كفيته ، إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد ، وقد أفلح المؤمنون ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، قالت : قد رضيت ؛ ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ، ووجد ريحا منتنة ، فقال : وما هَذِهِ الرّيحُ يا جَبْرَائِيلُ ومَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قال : هذا صوت جهنم ، تقول : يا ربّ آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي ، وسعيري وجحيمي ، وضريعي وغسَّاقي ، وعذابي وعقابي ، وقد بعُد قعري واشتدّ حرّي ، فآتني ما وعدتني ، قال : لك كلّ مشرك ومشركة ، وكافر وكافرة ، وكلّ خبيث وخبيثة ، وكلّ جبَّار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت ؛ قال : ثم سار حتى أتى بيت المقدس ، فنزل فربط فرسه إلى صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة ؛ فلما قُضيت الصلاة. قالوا : يا جبرائيل من هذا معك ؟ قال : محمد ، فقالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ؛ قال : ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم : الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما ، وجعلني أمَّة قانتا لله يؤتمّ بي ، وأنقذني من النار ، وجعلها عليّ بردا وسلاما ؛ ثم إن موسى أثنى على ربه فقال : الحمد لله الذي كلَّمني تكليما ، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي قوما يهدون بالحقّ وبه يعدلون ؛ ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما وعلَّمني الزّبور ، وألان لي الحديد ، وسخَّر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب ؛ ثم إن سليمان أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخَّر لي الرياح ، وسخَّر لي الشياطين ، يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب ، وقدور راسيات ، وعلَّمني منطق الطير ، وآتاني من كلّ شيء فضلا وسخَّر لي جنود الشياطين والإنس والطير ، وفضَّلني على كثير من عباده المؤمنين ، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكا طيبا ليس عليّ فيه حساب ؛ ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، وجعلني أخلق من الطين هيئة الطير ، فأنفخ فيه ، فيكون طيرا بإذن الله ، وجعلني أبرئ الأكمة والأبرص ، وأحيي الموتى بإذن الله ، ورفعني وطهرني ، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان علينا سبيل ؛ قال : ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه ، فقال : كُلْكُمْ أَثْنَى عَلَى رَبِّه ، وأنا مُثْنٍ عَلى رَبِّي ، فقال : الحَمْدُ لله الذي أرْسَلَنِي رَحْمَةً للعالَمِينَ ، وكافةً للناس بَشِيراً ونَذَيرًا ، وأَنزلَ عَليَّ الفُرقَانَ فِيه تِبْيانُ كُلّ شَيْءٍ ، وَجَعَلَ أُمَّتِي خَيْرَ أُمةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ ، وَجَعَلَ أُمَّتِي وَسَطا ، وَجَعَلَ أُمَّتِي هُمُ الأوَّلوُنَ وَهُمُ الآخِرُونَ ، وَشَرَحَ لي صَدْرِي ، وَوَضَعَ عني وِزْرِي وَرَفَعَ لي ذِكْرِي ، وَجَعَلَني فاتحا خاتِما ، قال إبراهيم : بهذا فضلكم محمد. - قال أبو جعفر : وهو الرازي : خاتم النبوّة ، وفاتح بالشفاعة يوم القيامة - ثم أتي إليه بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فاتى بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيرا ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن ، فقيل له : اشرب ، فشرب منه حتى روي ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : لا أريده قد رويت ، فقال له جبرائيل صلى الله عليه وسلم : أما إنها سَتُحَرّم على أمتك ، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا القليل ، ثم عَرَج به إلى سماء الدنيا ، فاستفتح جبرائيل بابا من أبوابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ فقال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ، قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل تامّ الخلق لم ينقص من خلقه شيء ، كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب ، يخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى وحزن ، فقلت : يا جَبْرَائيِلُ مَنْ هَذَا الشَّيْخُ التَّامُ الخَلْقِ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ ، ومَا هَذَانِ البابان ؟ قال : هذا أبوك آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة ، إذا نظر إلى من يدخله من ذرّيته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر إلى من يدخله من ذرّيته بكى وحزن ؛ ثم صعد به جبرائيل صلى الله عليه وسلم إلى السماء الثانية فاستفتح ، فقيل من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد رسول الله ، فقالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فإذا هو بشابين ، فقال : يا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَانِ الشابَّانِ ؟ قال : هذا عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا ابنا الخالة ؛ قال : فصعد به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل قد فَضَل على الناس كلهم في الحُسن ، كما فُضّل القمرُ ليلة البدر على سائر الكواكب ، قال : مَنْ هَذَا يا جِبْرَئِيلُ الَّذِي فَضَلَ على النَّاسِ في الحُسْنِ ؟ قال : هذا أخوك يوسف ؛ ثم صعد به إلى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ؛ قال : فدخل ، فإذا هو برجل ، قال : مَنْ هَذَا يا جَبْرَائِيلُ ؟ قال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليًّا ؛ ثم صعد به إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبرائيل ، فقالوا : من هذا ؟ فقال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ؛ ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقصّ عليهم ، قال : مَنْ هَذَا يا جَبْرَائِيلُ وَمَنْ هَؤُلاء الَّذِينَ حَوْلَهُ ؟ قال : هذا هارون المحبب في قومه ، وهؤلاء بنو إسرائيل ؛ ثم صعد به إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبرئيل ، فقيل له : من هذا ؟ قال : جبرئيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، فإذا هو برجل جالس ، فجاوزه ، فبكى الرجل ، فقال : يا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَا ؟ قال : موسى ، قال : فَمَا بالُهُ يَبْكي ؟ قال : تزعم بنو إسرائيل أني أكرم بنى آدم على الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا ، وأنا في أخرى ، فلو أنه بنفسه لم أبال ، ولكن مع كل نبيّ أمته ؛ ثم صَعَد به إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبرائيل ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حيَّاه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي ، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه ، أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر ، فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص ألوانهم شيء ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا جَبْرَائِيلُ مَنْ هَذَا الأشْمَطُ ، ثُمَّ مَنْ هَؤُلاء البيضُ وُجُوهُهُمْ ، وَمَنْ هَؤُلاء الَّذِينَ في ألْوَانِهِمْ شَيْءٌ ، ومَا هَذِهِ الأنهَارُ الَّتي دَخَلُوا ، فَجَاءُوا وَقَدْ صَفَتْ ألْوَانُهُم ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم أوّل من شَمِط على الأرض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه : فقوم لم يُلْبِسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتابوا ، فتاب الله عليهم ، وأما الأنهار : فأولها رحمة الله ، وثانيها : نعمة الله ، والثالث : سقاهم ربهم شرابا طهورا ؛ قال : ثم انتهى إلى السِّدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كلّ أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذّة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفَّى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلِّها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية للأمة كلها ، قال : فغشيها نور الخلاق عزّ وجلّ ، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجرة ، قال : فكلمه عند ذلك ، فقال له : سل ، فقال : اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته مُلكا عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكا عظيما ، وألنت له الحديد ، وسخرت له الجبال ، وأعطيت سليمان ملكا عظيما ، وسخرت له الجنّ والإنس والشياطين ، وسخرت له الرياح ، وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلَّمت عيسى التوراة والإنجيل ، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل. فقال له ربه : قد اتخذتك حبيبا وخليلا وهو مكتوب في التوراة : حبيب الله ؛ وأرسلتك إلى الناس كافَّة بشيرا ونذيرا ، وشرحت لك صدرك ، ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم الأولون والآخرون ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة ، حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي ؛ وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أوّل النَّبيين خَلْقا ، وآخرهم بَعْثا ، وأوّلَهم يُقْضَى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني ، لم يُعطها نبيّ قبلك ، وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية أسهم الإسلام والهجرة ، والجهاد ، والصدقة ، والصلاة ، وصوم رمضان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : فضَّلَنِي ربَيّ بسِتّ : أعْطَانِي فَوَاتِحَ الكَلِمِ وَخَوَاتِيمَهُ ، وَجَوَامِعَ الحَدِيثِ ، وأَرْسَلَنِي إلى النَّاسِ كافَّةً بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِ عَدُوّي الرُّعْبَ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ ، وأُحِلِّتْ لي الغَنائمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي ، وجُعِلَتْ لي الأرْض كُلُّها طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، قال : وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً ؛ فلما رجع إلى موسى ، قال : بِم أُمرت يا محمد ، قال : بِخَمْسِينَ صَلاةً ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التَّخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، فقد لقيت من بني إسرائيل شدّة ، قال : فرجع النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أُمرت ؟ قال : بأرْبَعِينَ ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيتُ من بنى إسرائيل شدّة ، قال : فرجع إلى ربه ، فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أُمرت ؟ قال : أُمِرْتُ بِثَلاثِينَ ، فقال له موسى : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدّة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرت ؟ قال : بعشرين ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : بعشر ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدّة ، قال : فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه خمسا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قاله : بخمس ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأم ، وقد لقيتُ من بني إسرائيل شدّة ، قال : قَدْ رَجَعْتُ إلى رَبّي حتى اسْتَحْيَيْت فَمَا أنا رَاجِعٌ إِلَيْهِ ، فقيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات فإنهنّ يجزين عنك خمسين صلاة ، فإن كلّ حسنة بعشر أمثالها ، قال : فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كلّ الرضا " فكان موسى أشدّهم عليه حين مرّ به ، وخيرهم له حين رجع إليه.
حدثني محمد بن عبيد الله ، قال : أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، قال : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية أو غيره " شك أبو جعفر " ، عن أبي هريرة في قوله(سُبْحَانَ الَّذِي أسْرَى بِعَبْدِه).... إلى قوله(إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) قال : جاء جبرئيل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحو حديث عليّ بن سهل ، عن حجاج ، إلا أنه قال : جاء جبرائيل ومعه مكائيل ، وقال فيه : وإذا بقوم يسرحون كما تسرح الأنعام يأكلون الضريع والزقوم ، وقال في كل موضع ، قال عليّ ما هؤلاء ، من هؤلاء يا جبرئيل ، وقال في موضع تقرض ألسنتهم تقص ألسنتهم ، وقال أيضا في موضع قال عليّ فيه : ونعم الخليفة. قال في ذكر الخمر ، فقال : لا أريده قد رويت ، قال : جبرائيل : قد أصبت الفطرة يا محمد ، إنها ستحرم على أمتك ، وقال في سدرة المنتهى أيضا :
(17/337)
________________________________________
هذه السدرة المنتهى ، إليها ينتهي كلّ أحد خلا على سبيلك من أمتك ؛ وقال أيضا في الورقة منها تظلّ الخلق كلهم ، تغشاها الملائكة مثل الغربان حين يقعن على الشجرة ، من حُبّ الله عزّ وجلّ وسائر الحديث مثل حديث عليّ.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ؛ وحدثني الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : ثنا معمر ، قال : أخبرنا أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، واللفظ لحديث الحسن بن يحيى ، في قوله( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى ) قال : ثنا النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ليلة أُسري به فقال نبيّ الله : " أُتِيتُ بِدَابَّة هي أَشْبَهُ الدَّوَاب بالبَغْلِ ، لَهُ أذُنانِ مُضّطَرِبَتان وَهُوَ البُرَاقُ ، وَهُوَ الَّذِي كانَ تَرْكَبُهُ الأنَبْيِاءُ قَبْلِي ، فَرَكِبْتُهُ ، فانْطَلَقَ بِي يَضَعُ يَدَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى بَصَرِه ، فَسَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي : يا مُحَمَّد عَلى رِسْلِك أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ ولَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ ؛ ثُمَّ سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ شمِالي : يا مُحَمَّد عَلى رِسْلِك أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ ولَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ ؛ ثُمَّ اسْتَقْبَلْتُ امْرَأةً فِي الطَّرِيقِ ، فَرأيْتُ عَلَيْها مِنْ كُلّ زِينَةٍ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافعَةً يَدَها ، تَقُولُ : يا مُحَمَّدُ على رِسْلِكَ أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ ولَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ ، أوْ قالَ المَسْجِدَ الأقْصَى ، فَنزلْتُ عَنِ الدَّابَّةِ فَأوْثقْتُها بالحَلْقَة التي كانَت الأنْبِياءُ تُوثِقُ بِها ، ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ، فقالَ لي جَبْرَئِيل : ماذَا رأيْتَ فِي وَجْهِكَ ، فَقُلْتُ : سَمِعْتُ نِدَاءً عَنْ يَمِينِي أنْ يا مُحَمَّدُ عَلى رِسْلِكَ أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ ولَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ ، قالَ : ذاكَ دَاعِيَ اليَهُود ، أما لَو أنَّك وَقَفْتَ عليه لتهودت أُمَّتُكَ ، قال : ثُمَّ سَمِعْتُ ندَاءً عَنْ يَسارِي أنْ يا مُحَمَّدُ عَلى رِسْلِكَ أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ وَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهِ ، قالَ : ذَاكَ داعي النَّصَارَى ، أمَا إِنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهِ لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتُكَ ، قُلْتُ : ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْنِي امْرأةٌ عَلَيْها مِنْ كُلّ زِينَةٍ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا رَافِعَةً يَدَها تَقُولُ عَلى رِسْلِكَ ، أسألْكَ ، فَمَضَيْتُ ولَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا ، قال : تِلْكَ الدُّنْيا تَزَيَّنَتْ لَكَ ، أمَا إنَّكَ لَوْ وَقَفْتَ عَلَيْها لاخْتارَتْ أُمَّتُكَ الدُّنْيا على الآخِرَةِ ، ثُمَّ أُتِيتُ بإناءَيْنِ أحَدُهُما فِيهِ لبَنٌ ، والآخرُ فيه خَمْرٌ ، فَقِيلَ لي : اشْرَبْ أيَّهُما شِئْتَ ، فَأخَذْتُ اللَّبَنَ فَشَرِبْتُهُ ، قال : أصَبْتَ الفِطْرَةَ أوْ قالَ : أخَذْتَ الفِطْرَةَ " .
(17/344)
________________________________________
قال معمر : وأخبرني الزهري ، عن ابن المسيب أنه قيل له : أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
قال أبو هارون في حديث أبي سعيد : " ثُمَّ جِيءَ بالمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ فِيهِ أرْوَاحُ بَنِي آدَمَ فإِذَا هُوَ أحْسَنُ ما رأيْتُ ألَمْ تَرَ إلى المَيّتِ كَيْفَ يُحِدُّ بَصَرَهُ إلَيْهِ فَعُرِجَ بنا فِيهِ حتى انْتَهَيْنا إلى بابِ السَّماءِ الدُّنْيا ، فاسْتَفْتَحَ جَبْرَائِيلُ ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا ؟ قالَ جَبْرَائِيلُ ؟ قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قال : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : أوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قال : نَعَمْ ، فَفَتَحُوا وَسَلَّمُوا عَليَّ ، وَإِذَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَحْرُسُ السَّماءَ يُقَال لَهُ إسْماعِيلُ ، مَعَهُ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلّ مَلَكٍ مِنْهُمْ مِئَةُ ألْفٍ ، ثم قرأ(ومَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ) وَإِذَا أنا بِرَجُلٍ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَهُ الله لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيءٌ ، فإِذَا هُوَ تُعْرَض عَلَيْهِ أرْوَاحُ ذُرّيَّتِهِ ، فإذَا كانَتْ رُوح مُؤْمِنٍ ، قالَ : رُوحٌ طَيِّبَةٌ ، وَرِيحٌ طَيِّبَةٌ ، اجْعَلُوا كِتابَهُ فِي عِلِّيِينَ ؛ وَإِذَا كانَ رُوحُ كافِرٍ قالَ : رُوحٌ خَبِيثَةٌ وَرِيحٌ خَبِيثَةٌ ، اجْعَلُوا كِتابَهُ فِي سِجِّيلٍ ، فَقُلْتُ : يا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَذَا ؟ قال : أبُوك آدَمُ ، فَسَلَّمَ عَليَّ وَرَحَّبَ بِي وَدَعا لي بِخَيْرٍ وقَال : مَرْحَبا بالنَّبيّ الصَّالِحِ والوَلَدِ الصَّالِحِ ، ثُمَّ نَظَرْتُ فإِذَا أنا بقَوْمٍ لَهُمْ مشَافِرُ كمشَافِرِ الإبِلِ ، وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذُ بِمَشافِرِهِمْ ، ثُمَّ يُجْعَلُ في أفْوَاهِهِمْ صَخْرًا مِنْ نارٍ يَخْرُجُ مِنْ أسافِلِهِمْ ، قُلْتُ : يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ ؟ قال : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتامَى ظُلْما ، ثُمَّ نَظَرْتُ فإِذَا أنا بِقَوْمٍ يُحْذَى مِنْ جُلُودِهِمْ ويُرَدُّ فِي أفْوَاهِهِمْ ، ثُمَّ يُقال : كُلُوا كمَا أكَلْتُمْ ، فإِذَا أكْرَه ما خَلَقَ الله لَهُمْ ذلكَ ، قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يا جَبْرَئِيلُ ؟ قال : هَؤُلاءِ الهَمَّازُونَ اللَّمازُون الذِينَ يأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ ، ويَقَعُونَ فِي أعْرَاضِهِمْ ، بالسَّبّ ، ثُمَّ نَظَرْتُ فإذَا أنا بِقَوْمٍ عَلى مائِدَة عَلَيْها لَحْمٌ مَشْويّ كأَحْسَنِ ما رأيْتُ مِنَ اللحْمِ ، وَإذَا حَوْلَهُمْ جِيَفٌ ، فَجَعَلُوا يَمِيلُونَ عَلى الجِيَفِ يَأكُلُونَ مِنْها وَيَدَعُونَ ذلكَ اللحْمَ ، قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يا جَبْرَئِيلُ ؟ قالَ : هَؤُلاء الزُّناةُ عَمَدُوا إلى مَا حَرَّمَ الله عَلَيْهِمْ ، وَتَرَكُوا ما أحَلَّ الله لَهُمْ ، ثُمَّ نَظَرْتُ فإِذَا أنا بقَوْمٍ لَهُمْ بُطُونٌ كأَنَّها الُبُيوتُ وَهيَ على سابِلَة آل فِرْعَوْنَ ، فإذَا مَرَّ بِهِمْ آلُ فِرْعَوْنَ ثارُوا ، فَيمِيلُ بأحَدِهِمْ بَطْنُهُ فَيَقَعُ ، فَيَتَوَطئُوهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ بأرْجُلِهِمْ ، وَهُمْ يُعْرَضُونَ عَلى النارِ غُدُوًّا وَعَشِيًّا ؛ قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاء يا جَبْرَئِيلُ ؟ قال : هَؤُلاء أكَلَةُ الرّبا ، رَبا فِي بُطُونِهِم ، فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ
(17/345)
________________________________________
من المَسّ ؛ ثُمَّ نَظَرْتُ ، فإِذَا أنا بنِساءٍ مُعَلَّقاتٍ بِثُدُيِّهِنَّ ، وَنِساءٌ مُنَكَّساتٌ بأرْجُلِهِنَّ ، قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يا جَبْرَئِيلُ ؟ قال : هنّ اللاتي يَزْنِينَ وَيَقْتُلْنَ أولادَهُنَّ قالَ : ثُمَّ صَعَدْنا إلى السَّماء الثَّانِيَةِ ، فإذَا أنا بِيُوسُف وحَوْلهُ تَبَعٌ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَوَجْهُهُ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي ، ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماءِ الثَّالِثَةِ ، فإذا أنا بابْنَيِ الخَالَةِ يَحيَى وَعِيسَى ، يُشْبِهُ أحَدُهُما صَاحِبَهُ ، ثِيابُهما وَشَعْرُهُما ، فَسَلَّما عَليَّ ، وَرَحَّبا بِي ، ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماء الرّابِعَةِ ، فإذا أنا بإدْرِيسَ ، فَسَلَّمَ عَليَّ وَرَحَّب وَقَدْ قالَ الله(وَرَفَعْناه مَكانا عَلِيًّا) ؛ ثُمَّ مَضَيْنا إلى السَّماءِ الخَامِسَةِ ، فإذا أنا بِهارُون المُحَبَّبِ فِي قَوْمِهِ ، حَوْلَهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمَّتِهِ ، فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عليه وسَلَّمَ : طَوِيلُ اللِّحْيَة تَكادُ لِحْيَتُهُ تَمَسُّ سُرَّتَهُ ، فَسلَّمَ عَليَّ وَرَحَّبَ ؛ ثُمَّ مَضَيْنا إلى السَّماء السَّادسَة فإذَا أنا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عليه وسلَّمَ فقال : كَثِيرُ الشَّعْرِ لَوْ كانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ خَرَجَ شَعْرُهُ مِنْهُما ؛ قالَ مُوسَى : تَزْعَمُ النَّاسُ أنّي أكْرَمُ الخَلْقِ عَلى الله ، فَهَذَا أكْرَمُ على الله مِنِّي ، وَلَوْ كانَ وَحْدَهُ لَمْ أكُنْ أُبالي ، وَلكِنْ كُلُّ نَبِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ ؛ ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ ، فإِذَا أنا بإبْرَاهِيمَ وَهُوَ جالِس مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ فَسَلَّمَ عَليَّ وقَال : مَرْحَبا بالنَّبِيّ الصَّالِحِ وَالوَلَدِ الصَّالِحِ ، فَقِيلَ : هَذَا مَكانُكَ وَمَكانُ أُمَّتِك ، ثُمَّ تَلا( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) ثُمَّ دَخَلْتُ البَيْتَ المَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَى يَوْمِ القِيامَة ؛ ثُمَّ نَظَرْتُ فإِذَا أنا بِشَجَرَةٍ إِنْ كانَتْ الوَرَقَةُ مِنْها لمُغطِّيَةٌ هذهِ الأمَّةَ ، فإذَا فِي أصْلِها عَيْنٌ تَجْرِي قَدْ تَشَعَّبَتْ شُعْبَتَيْنِ ، فَقُلْتُ : ما هَذا يا جَبْرَئِيلُ ؟ قال : أمَّا هذَا : فَهُوَ نَهْرُ الرَّحمَةِ ، وأمَّا هذَا : فَهُوَ الكَوْثَرُ الذِي أعْطاكَهُ الله ، فاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحمَةِ فَغُفِرَ لي ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي ومَا تَأخَّرَ ، ثُمَّ أخذتُ عَلى الكَوْثَرِ حتى دَخَلْتُ الجَنَّة ، فإذَا فِيها ، ما لا عَيْنٌ رأتْ ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَإِذَا فِيها رُمَّانٌ كأنَّهُ جُلُودُ الإبِلِ المُقَتَّبَةُ ، وإِذَا فِيها طَيْرٌ كأنَّها البُخْتُ ، فقالَ أبُو بَكْرٍ : إنَّ تِلكَ الطَّيْرَ لنَاعِمَةٌ ، قالَ : أكَلَتُها أنْعَمُ مِنْها يا أبا بَكْرٍ ، وإنّي لأرْجو أنْ تَأكُلَ مِنْها ، ورأيْتُ فِيها جارِيَةً ، فَسألْتُها : لِمَنْ أنْتِ ؟ فَقالَتْ : لِزَيْد بْنِ حارِثَة فَبَشَّرَ بها رَسُولُ الله صَلى الله عليه وسلَّمَ زَيْدًا ؛ قالَ : ثُمَّ إِنَّ الله أمَرَنِي بأمْرِهِ ، وفَرَضَ عَليَّ خَمْسِينَ صَلاةً ، فَمَرَرْتُ عَلى مُوسَى ، فقالَ : بِمَ أمَرَكَ رَبُّكَ ؟ قُلْتُ : فَرضَ عَليَّ خَمْسِينَ صَلاةً ، قالَ : ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فأسأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فإنَّ أُمَّتَكَ لَنْ يَقُومُوا بِهذَا ، فَرَجَعْتُ إلى رَبّي فَسألْتُهُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى مُوسَى ، فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ إلى رَبّي إذَا مَرَرْتُ بِمُوسَى حتى فَرَضَ عَليَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، فَقالَ مُوسَى : ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسألْهُ التَّخْفِيفَ ، فَقُلْتُ : قَدْ رَجَعْتُ إلى رَبّي حتى اسْتَحْيَيْتُ ؛ أو قالَ : قُلْتُ : ما أنا بِرَاجِعٍ ، فَقِيلَ لي : إِنَّ لَكَ بِهذِه الخَمْسِ صَلَوَاتِ خَمْسِينَ صَلاةً ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثالِهَا ، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ ، وَمَنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئةٍ فَلَم يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئا ، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ وَاحدَةً " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني روح بن القاسم ، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ؛ وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : وثني أبو جعفر ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، قال : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : " لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كانَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ ، أُتِيَ بالمِعْرَاجِ ، ولَمْ أرَ شَيْئا قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إذا حَضَرَ ، فَأصْعَدَنِي صَاحِبي فِيهِ حتى انْتَهَى إلى بابٍ مِنَ الأبْوَابِ يُقالُ لَهُ بَابُ الحَفَظَةِ ، عَلَيْهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ إسْماعِيلُ ، تَحْتَ يَدَيْهِ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ ، تَحْتَ يَدَيْ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدّث هذا الحديث : (ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ) ثم ذكر نحو حديث معمر ، عن أبي هارون إلا أنه قال في حديثه : قال : ثُمَّ دَخَلَ بِيَ الجَنَّةَ فَرأيْتُ فيها جارِيَةً ، فَسألتُها لِمَنْ أنْتِ ؟ وَقَدْ أعْجَبَتْنِي حين رأيْتُها ، فَقالَتْ : لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فبشَّر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ، ثم انتهى حديث ابن حميد عن سلمة إلى ههنا.
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه ليلة أُسري به إبراهيمَ وموسى وعيسى فقال : أمَّا إبْرَاهِيمُ فَلَمْ أرَ رَجُلا أشْبَهُ بِصَاحِبِكُمْ مِنْهُ. وأمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمٌ طِوَالٌ جَعْدٌ أقْنَى ، كأنَّه مِنْ رِجالِ شُنُوءَةَ. وأمَّا عِيسَى فَرجُلٌ أحْمَرُ بينَ القَصِير والطَّوِيلِ سَبِطُ الشَّعْرِ
(17/346)
________________________________________
كَثِيرُ خِيلانِ الوَجْهِ ، كأنَّه خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ كأنَّ رأسَهُ يَقْطُرُ ماءً ، ومَا بِهِ ماءٌ ، أشْبَهُ مَنْ رأيْتُ بِهِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ولم يقل عن أبي هريرة.
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِي بالبراق ليلة أُسري به مسرجا ملجما ليركبه ، فاستصعب عليه ، فقال له جبرائيل : ما يحملك على هذا ، فوالله ما ركبك أحد قطّ أكرم علي الله منه ، قال : فارفض عرقا.
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) أسري بِنَبِيِّ الله عشاء من مكة إلى بيت المقدس ، فصلى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فيه ، فأراه الله من آياته وأمره بما شاء ليلة أسري به ، ثم أصبح بمكة. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : حُمِلْتُ عَلى دابَّة يُقَالُ لَهَا البُرَاقُ ، فَوْقَ الحِمارِ وَدُونَ البَغْلِ يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ، فحدث نبيّ الله بذلك أهل مكة ، فكذب به المشركون وأنكروه وقالوا : يا محمد تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ، وأقبلت من ليلتك ، ثم أصبحت عندنا بمكة ، فما كنت تجيئنا به ، وتأتي به قبل هذا اليوم مع هذا ، فصدقه أبو بكر ، فسمِّي أبو بكر الصدّيق من أجل ذلك.
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : ثنا سليمان الشيباني ، عن عبد الله بن شدّاد ، قال : لما كان ليلة أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة يقال لها البراق ، دون البغل وفوق الحمار ، تضع حافرها عند منتهى ظفرها ؛ فلما أتى بيت المقدس أُتي بإناءين : إناء من لبن ، وإناء من خمر ، فشرب اللبن. قال : فقال له جبرائيل : هديت وهديت أمتك.
وقال آخرون من قال : أسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى بنفسه وجسمه أسرى به عليه السلام ، غير أنه لم يدخل بيت المقدس ، ولم يصلّ فيه ، ولم ينزل عن البراق حتى رجع إلى مكة.
(17/348)
________________________________________
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثني عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيش ، عن حُذيفة بن اليمان ، أنه قال في هذه الآية( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى ) قال : لم يصلّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة فيه ، كما كتب عليكم الصلاة عند الكعبة.
حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، ورجل يحدّث عنده بحديث حين أسري بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال له : لا تجِيء بمثل عاصم ولا زر ؛ قال : قال حُذيفة لزرّ بن حبيش ؛ قال : وكان زرّ رجلا شريفا من أشراف العرب ، قال : قرأ حُذيفة( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وكذا قرأ عبد الله ، قال : وهذا كما يقولون : إنه دخل المسجد فصلى فيه ، ثم دخل فربط دابته ، قال : قلت : والله قد دخله ، قال : من أنت فإني أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك ، قال : قلت : زرّ بن حبيش ، قال : ما عملك هذا ؟ قال : قلت : من قبَل القرآن ، قال : من أخذ بالقرآن أفلح ، قال : فقلت( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) قال : فنظر إليّ فقال : يا أصلع ، هل ترى دخله ؟ قال : قلت : لا والله ، قال حُذيفة : أجل والله الذي لا إله إلا هو ما دخله ، ولو دخله لوجبت عليكم صلاة فيه ، لا والله ما نزل عن البراق حتى رأى الجنة والنار ، وما أعدّ الله في الآخرة أجمع ؛ وقال : تدري ما البراق ؟ قال : دابة دون البغل وفوق الحمار ، خطوه مدّ البصر.
وقال آخرون : بل أسرى بروحه ، ولم يسر بجسده.
* ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كانت رؤيا من الله صادقة.
(17/349)
________________________________________
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد ، قال : ثني بعض آل أبي بكر ، أن عائشة كانت تقول : ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال ابن إسحاق : فلم ينكر ذلك من قولها الحسن أن هذه الآية نزلت( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) ولقول الله في الخبر عن إبراهيم ، إذ قال لابنه( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) ثم مضى على ذلك ، فعرفت أن الوحي يأتي بالأنبياء من الله أيقاظا ونياما ، وكان رسول صلى الله عليه وسلم يقول : " تَنَامُ عَيْني وَقَلْبي يَقْظانُ " فالله أعلم أيّ ذلك كان قد جاءه وعاين فيه من أمر الله ما عاين على أيّ حالاته كان نائما أو يقظانا كلّ ذلك حقّ وصدق.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، كما أخبر الله عباده ، وكما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الله حمله على البراق حين أتاه به ، وصلى هنالك بمن صلى من الأنبياء والرسل ، فأراه ما أراه من الآيات ؛ ولا معنى لقول من قال : أسرى بروحه دون جسده ، لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون ذلك دليلا على نبوّته ، ولا حجة له على رسالته ، ولا كان الذين أنكروا حقيقة ذلك من أهل الشرك ، وكانوا يدفعون به عن صدقه فيه ، إذ لم يكن منكرا عندهم ، ولا عند أحد من ذوي الفطرة الصحيحة من بني آدم أن يرى الرائي منهم في المنام ما على مسيرة سنة ، فكيف ما هو على مسيرة شهر أو أقل ؟ وبعد ، فإن الله إنما أخبر في كتابه أنه أسرى بعبده ، ولم يخبرنا أنه أسرى بروح عبده ، وليس جائزا لأحد أن يتعدّى ما قال الله إلى غيره. فإن ظنّ ظانّ أن ذلك جائز ، إذ كانت العرب تفعل ذلك في كلامها ، كما قال قائلهم :
(17/350)
________________________________________
حَسِبْتُ بُغامَ رَاحِلَتِي عنَاقا... ومَا هِيَ وَيْبَ غيرِكِ بالعْنَاقِ (1)
يعني : حسبت بغام راحلتي صوت عناق ، فحذف الصوت واكتفى منه بالعناق ، فإن العرب تفعل ذلك فيما كان مفهوما مراد المتكلم منهم به من الكلام. فأما فيما لا دلالة عليه إلا بظهوره ، ولا يوصل إلى معرفة مراد المتكلِّم إلا ببيانه ، فإنها لا تحذف ذلك ؛ ولا دلالة تدلّ على أن مراد الله من قوله(أسْرَى بِعَبْدِهِ) أسرى بروح عبده ، بل الأدلة الواضحة ، والأخبار المتتابعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أسرى به على دابة يُقال لها البراق ؛ ولو كان الإسراء بروحه لم تكن الروح محمولة على البراق ، إذ كانت الدوابّ لا تحمل إلا الأجسام. إلا أن يقول قائل : إن معنى قولنا : أسرى روحه : رأى في المنام أنه أسرى بجسده على البراق ، فيكذب حينئذ بمعنى الأخبار التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن جبرائيل حمله على البراق ، لأن ذلك إذا كان مناما على قول قائل هذا القول ، ولم تكن الروح عنده مما تركب الدوابّ ، ولم يحمل على البراق جسم النبيّ صلى الله عليه وسلم ، لم يكن النبيّ صلى الله عليه وسلم على قوله حُمل على البراق لا جسمه ، ولا شيء منه ، وصار الأمر عنده كبعض أحلام النائمين ، وذلك دفع لظاهر التنزيل ، وما تتابعت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءت به الآثار عن الأئمة من الصحابة والتابعين.
وقوله(الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) يقول تعالى ذكره : الذي جعلنا حوله البركة لسكانه في معايشهم وأقواتهم وحروثهم وغروسهم. وقوله(لِنُرَيَهُ مِنْ آياتِنا) يقول تعالى ذكره : كي نري عبدنا محمدا من آياتنا ، يقول : من عبرنا وأدلتنا وحججنا ، وذلك هو ما قد ذكرت في الأخبار التي رويتها آنفا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أريه في طريقه إلى بيت المقدس ، وبعد مصيره إليه من عجائب العبر والمواعظ.
__________
(1) البيت تقدم الاستشهاد به في (4 : 92) من هذا التفسير ، واستشهد به الفراء (في معاني القرآن 179) ولكنه لم يبين موضع الشاهد فيه كما بينه المؤلف هنا ، وهو أن العرب قد تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه ، كما في البيت ، إذ إنه يريد : حسبت بغام راحلتي صوت عناق.
OPTIMALISASI KINERJA GURU UNTUK MEWUJUDKAN PENDIDIKAN BERKUALITAS DALAM NUANSA
AKHLAKUL KARIMAH


Undang-undang sistem pendidikan nasional nomor 20 tahun 2003 pasal 11 ayat 1 mengamanatkan kepada pemerintah dan pemerintah daerah untuk menjamin terselenggaranya pendidikan yang bermutu (berkualitas) bagi setiap warga negara. Terwujudnya pendidikan yang bermutu membutuhkan upaya yang terus menerus untuk selalu meningkatkan kualitas pendidikan. Upaya peningkatan kualitas pendidikan memerlukan upaya peningkatan kualitas pembelajaran (instructional quality) karena muara dari berbagai program pendidikan adalah pada terlaksananya program pembelajaran yang berkualitas. Oleh karena itu, usaha meningkatkan kualitas pendidikan tidak akan tercapai tanpa adanya peningkatan kualitas pembelajaran.
Kualitas pembelajaran sendiri tidak terlepaskan dari dimensi kualitas guru sebagai "agent of knowledge transformation", atau dalam bahasa H.A.R Tilaar guru berkualitas memiliki "strategi pedagogik transformatif". Sangat naif membayangkan kualitas pendidikan yang baik tanpa mempersepsikan kualitas pedagogik seorang guru dalam ranah edukasi. Oleh karena itu, kebijakan (policy) pemerintah pusat dan para pemangku kebijakan (stake holders) harus mengutamakan pendidikan sebagai mainstream pembanguan karakter bangsa dan negara yang utama.
Pasca reformasi bergulir, kebijakan pendidikan mulai diarahkan untuk menjadikan pendidikan sebagai instrumen utama pembanguan dalam kerangka "Tujuan Pembanguan Milenium Baru" (Millenium Development Goals/MDGs). Menurut Azyumardi Azra, konsep pendidikan yang berkualitas tidak hanya menempatkan seorang guru hanya sekadar tempat bagi terjadinya transfer of knowledge, melainkan character building, tempat pendidikan bukan sekadar pengajaran.
Bagi sebagian masyarakat umum, persepsi yang memandang guru hanya sebatas sumber pengetahuan berdampak fatal terhadap pembangunan karakter siswa itu sendiri. Konsekuensinya, harapan yang luar biasa besar berada di pundak guru untuk membentuk personalitas yang penuh dengan nilai-nilai pekerti dan karakter mulia jauh dari kenyataannya. Bahkan guru itu sendiri pun jauh dari harapan pemenuhan dahaga dalam nuansa "akhlakul karimah".
Proses pembelajaran yang berkualitas bukanlah sebuah pekerjaan mudah dilakukan. Kendala psikologis, ekonomi dan kultural adalah instrumen utama penghambat kemajuan pendidikan yang bermutu tinggi, minimal masuk dalam kategori "Sekolah Standar Nasional". Kendala psikologis terutama terletak pada perasaan senioritas, ketidakmauan untuk belajar dari rekan kerja, menerima kritik dari bawahan, bersifat tertutup dari kemajuan dan perkembangan pengetahuan karena perasaan terlebih dahulu mengenyam "asam garam kehidupan" (superiority complex).
Faktor ekonomi terutama pada kendala finansial yang beranggapan bahwa kualitas pendidikan membutuhkan biaya tinggi, ingin pintar harus kuliah, obsesi menjadi guru teladan harus mengikuti program pendidikan tinggi (kalau perlu sampai jenjang S3), dan sebagainya. Konstruksi berfikir ini tentu menghambat kemajuan, dan lagi-lagi di masyarakat bahkan di kalangan guru itu sendiri telah terjangkiti penyakit "hedonistik-materialisme". Padahal pendidikan itu dapat dilakukan dimanapun, kapanpun, dan kepada siapa pun. Belajar dari pengalaman, belajar dari fenomena lingkungan, alam semesta, dan belajar dari tragedi. Fakultas yang paling baik dalam konstelasi pengetahuan adalah fakultas kehidupan.
Faktor kultural, yakni budaya-budaya yang menghambat kemajuan. Gugatan ST. Alisyahbana terhadap budaya lokal-feodal dengan lebih memilih pada budaya dan pemikiran barat, didasari pada fakta historis bahwa orang Indonesia sulit diajak berfikir modern, logis dan sistematis. Alangkah suatu tragedi, apabila seorang guru telah menjustifikasi dirinya sulit untuk berkembang, memvonis siswa gagal dalam penguasaan teknologi. Semua itu tentu didasarkan pada budaya ketertutupan. Tertutup berarti kiamat, kesempurnaan berarti keberakhiran, dan sebaliknya keterbukaan adalah awal menuju kebaikan.
Kinerja guru yang baik dapat diwujudkan dalam suatu konteks tertentu sejalan dengan visi, misi dan strategi yang menunjang pelaksanaan tugas untuk mencapai tujuan pendidikan nasional yaitu mewujudkan manusia Indonesia seutuhnya. Ketiga hal ini diperlukan agar guru lebih mudah dan terarah karena sudah memiliki gambaran dan pegangan berupa langkah-langkah mengajar yang harus dilaksanakan sesuai strategi yang sudah ditetapkan.
Baik tidaknya kinerja guru dapat dilihat dari kompetensi yang meliputi penguasaan terhadap bahan pengajaran, pengelolaan program belajar mengajar, pengelolaan kelas, penggunaan media, penguasaan landasan pendidikan, pengelolaan interaksi belajar mengajar, penguasaan psiko-sosial pendidikan, penguasaan kontekstual pendidikan, penguasaan moralitas, penilaian prestasi siswa dan pengenalan fungsi bimbingan dan penyuluhan di sekolah.
Hubungan antara kinerja guru tersebut ternyata berimplikasi pada pembentukan karakter itu sendiri. Dampak itu dapat disebutkan pada dimensi moral dan etik yang bermuara pada "pembentukan akhlakul karimah". Dikotomi dualistik antara kognisi dan afeksi harus dieliminimasi demi pembentukan akhlakul karimah itu sendiri. Salah satu variabel utama pembentukan akhlakul karimah adalah profesionalisme guru dalam pelaksaan proses pendidikan. Jika guru hanya sebatas mengajar, berarti guru hanya sebatas mentransfer pengetahuan. Namun apabila guru mendidik siswa, berarti ada proses mental dan sikap yang terlibat di dalamnya.
Proses pendidikan yang bernuansa akhlakul karimah menuntut kinerja yang paripurna. Artinya, seorang guru dapat mereliasasikan itu semua apabila mampu membawa siswa-siswa, lingkungan sekitar dan elemen-elemen sosial lainnya melibatkan potensi kemampuan holistik. Kemampuan holistik menggunakan potensi kecerdasan intelektual, emosional dan spiritual.
Dengan akhlak mulia serta budi pekerti luhur maka siswa akan menerima kontribusi bermakna di dalam pendewasaan berpikir, bersikap serta berperilaku di dalam kehidupan bermasyarakat. Dengan demikian output pendidikan di masa datang tidak hanya siswa yang cerdas secara rasional, akan tetapi juga cerdas secara emosional, sosial dan spiritual.
Diyakini bahwa akumulasi kemampuan dari Intelektual Quotient (IQ), Emosional Quotient (EQ), Creativity Quotient (CQ), dan Adversity Quotient (AQ) yang tergali melalui proses pembelajaran bermakna dengan bimbingan Guru yang berkarakter dan profesional akan melahirkan apa yang disebut oleh Diaz Dwikomentari sebagai Solution Spiritual Quotient (SoSQ). Inilah sebenarnya terminologi akhir dari hasil belajar yang harus di-advocasi secara proporsional tidak hanya oleh lembaga pendidikan skolastik, akan tetapi juga oleh masyarakat dan orang tua sebagai pemegang mandat pertama tanggung jawab masa depan anak.
Model pendidikan yang bersifat holistik dan integral tersebut menepis sebagian kalangan dewasa ini bahwa pembentukan akhlak mulia hanya dapat direalisasikan pada pemberian materi pendidikan agama, pendidikan Pancasila dan kewarganegaraan, dan sejenisnya. Padahal bukan itu yang diinginkan, semua materi dan pelajaran mengandung nilai-nilai moral (moral messages). Meskipun itu adalah pelajaran eksak sekalipun. Disinilah dibutuhkan kemampuan luar biasa seorang guru, bekerja secara maksimal, berwawasan luas, future-oriented, berfikir global dan bertindak lokal (think globally and act locally), dan beberapa varian lainnya.
Optimalisasi kinerja guru dalam mewujudkan pendidikan yang berkualitas dalam menuju konsep akhlakul karimah –paradigma pembangunan Walikota Tangerang Wahidin Halim—dapat direalisasikan dengan beberapa langkah sebagai berikut:
1.Proses pembelajaran di kelas tidak lagi bersifat eksklusif. Artinya guru harus menafsirkan setiap materi pelajaran dengan dimensi lain berupa aspek moral, nilai-nilai religiusitas, aspek historis, ekonomi, sosial, kultural, dan sebagainya. Contoh: ketika seorang guru membahas tentang gaya gravitasi bumi, itu bukan hanya menyangkut seorang Isaac Newton, melainkan juga aspek moralitas berupa semua hal yang terbang tinggi akan kembali ke bumi, itu berarti setinggi apapun kedudukan manusia tetap harus berpijak ke bumi.
2.Proses pembelajaran sekompleks apapun harus dilandaskan pada pijakan keagamaan (Religious based Learning). Begitu pula dengan sistem sonar dan mekanisme peredaran planet dengan matahari dapat dikorelasikan dengan kitab suci Islam yakni Al-Qur'an. Sebagaimana firman Allah sebagai berikut::
(Dia-lah yang menjadikan matahari bersinar dan bulan bercahaya dan ditetapkan-Nya manzilah-manzilah (tempat-tempat) bagi perjalanan bulan itu, supaya kamu mengetahui bilangan tahun dan perhitungan (waktu). Allah tidak menciptakan yang demikian itu melainkan dengan hak. dia menjelaskan tanda-tanda (kebesaran-Nya) kepada orang-orang yang Mengetahui. (QS. Yunus: 5)
3.Pendidikan atau proses pembelajaran berkualitas dengan akhlakul karimah direalisasikan dengan konsep suri tauladan yang baik. Sudah saatnya guru tidak lagi melakukan pelecehan seksual, berbuat hal-hal yang tidak bermoral kepada anak didiknya. Reformasi mentalitas guru harus diperbaiki dengan cara melakukan refleksi substantif tentang fungsi dan tugas guru sebagai "second parent" dalam konteks relasi siswa-guru. Dengan contoh-contoh yang mulia tentu dengan sendirinya kebajikan dan perbuatan yang bermoral akan terlembaga di sekolah dan di masyarakat.
Implementasi ke dalam kehidupan keseharian peserta didik dengan Akhlakul Karimah akan menjadi penyejuk dari lawan interaksi komunikasi interpersonal. Diharapkan kondisi tersebut menjadi benih-benih baru yang mulai di tanam di ladang kehidupan kemasyarakatan kita. Seperti kata bijak dituliskan; “Apabila anak mendapatkan sebaik-baiknya perlakuan, ia akan belajar ber-keadilan”. Namun hanya dengan sikap konsisten terhadap apa yang diyakini membawa perubahan/perbaikan dan berpegang teguh pada keyakinan tersebut (istiqomah), maka bangsa ini akan mampu keluar dari kemelut krisis multi dimensional.
THE END OF CAPITALISM

Pengantar
Banyak pakar ilmu-ilmu sosial kontemporer yang meragukan kehebatan ideologi kapitalisme sebagai ideologi yang sempurna dalam menyelesaikan segala persoalan yang dihadapi umat manusia. Di awali dengan krisis moneter yang menerjang hebat hampir sebagian besar negara-negara Asia pada tahun 1998. Barangkali peristiwa itu tidak terlalu berpengaruh kepada jantung-jantung kapitalisme global yang berpusat di New York di Amerika Serikat dan London di Inggris.
Namun, seiring berjalannya waktu tepatnya satu dasawarsa pasca krisis moneter di belahan Asia, maka terjadilah peristiwa hebat yang mengguncang sistem kapitalisme, tidak hanya sebagai sebagai sistem ekonomi dan budaya melainkan sebagai "way of life". Peristiwa yang dikenal dengan sebutan "Subrime Mortgage" di Amerika Serikat, merontokkan kedigdayaan ekonomi kapitalisme, kebangkrutan korporasi-korporasi multinasional seperti Standard Chartered, General Motors, dan hampir seluruh perusahan-perusahan besar lainnya. Pemutusan hubungan kerja terjadi dimana-mana. Bank banyak yang tutup, kredit macet di bidang properti meraja lela, bursa-bursa saham di New York Stock Exchange bertumbangan, yang diiringi pada bursa-bursa dunia lainnya.
Babak baru hegemoni Amerika Serikat sebagai dedengkot kapitalisme dunia dipertaruhkan bahkan dipertanyakan. Keraguan akan daya revivalitas sistem kapitalisme sedikit banyak menghantui hampir seluruh jagad penduduk benua. Barangkali kita teringat dengan manifesto komunisme-nya Karl Marx dan Friedriech Engels dengan ungkapan: " A spectre is haunting Europe -- the spectre of communism". Ada sebuah hantu yang sedang membayangi Eropa, ungkapan ini dapat diderivasikan ada sebuah hantu "kebangkrutan kapitalisme" yang sedang membayangi dunia. Ini adalah sebuah kenyataan historis bagi siapapun yang hidup di milenium ketiga, ketakutan akan keberakhiran ideologi kapitalisme mengancam kaum borjuis dalam mangakumulasikan modal dan tenaga manusia, kegamangan manusia moderen yang terbiasa bergumul dengan kesadaran kapitalisme semu tanpa pernah melakukan kritik yang memadai terutama ketika mereka menemukan titik-titik kelemahan mendasar sistem ini.
Pada saat sistem komunisme runtuh dengan bubarnya Uni Soviet pada tahun 1991 dan robohnya tembok Berlin, seketika semua orang tersenyum lebar sebagai bukti kemenangan kapitalisme. Salah satu orang yang senang, tentu bangga adalah Francis Fukuyama. Dalam karya "The End of History and The Last Man", Fukuyama menyatakan dengan jelas bahwa kapitalisme yang memiliki nyawa demokrasi liberal akan melembagakan suatu "end point of mankinds' ideological evolution and the final form of human government, and such as constituted the end of history". Sungguh suatu hipotesis ang sangat berani dalam menyimpulkan kemenangan kapitalisme dengan anggapan nilai-nilai universal yang menaunginya seperti "liberalisme, rasionalisme, demokrasi, hak-hak asasi manusia, kekebasan, kompetisi, dan hak kepemilikan". Anggapan Fukuyama didasarkan pada fakta sejarah keruntuhan komunisme yang tidak hanya gagal dalam menyejahterakan masyarakat di suatu negara yang menganut ideologi tersebut, tetapi juga jelas-jelas gagal berdialektika dengan sejarah itu sendiri untuk menjadi sintesis siklis.
Pada permulaan analisisnya, Fukuyama melihat bahwa komunisme dengan segala variannya antara lain, otoritarianisme, ultranasionalisme fasistik, sistem kediktatoran di negara-negara ketiga sebagaimana yang dianut oleh Filipina dengan Corazon Aquino, Italia dengan Mussolini, Irak dengan partai Ba'ath pimpinan Saddam Husein, Suriah dengan kaum Alawy-nya, dan negara-negara Afrika, serta negara-negara Amerika Latin gagal menyejahterakan rakyatnya karena tidak mengakomodasi kepentingan individual berupa hak kepemilikan eksklusif.
Oleh karenanya, tanpa sungkan-sungkan Fukuyama mendeklarasikan bentuk kemenangan kapitalisme vis a vis komunisme yang lahir pasca perang dunia II, sehingga melahirkan dinamika historis yang bersifat monolog. Kemenangan kapitalisme yang dipandang sebagai justifikasi hegemoni modernitas, justru di mata post-modernist mengalami –meminjam istilah Derrida "dekonstruksi"—nilai budaya dan perkembangan sejarah kapitalisme dalam ruang dialektika, lambat laun terjadi semacam involusi nilai utama kapitalisme, profitisasi dan privatisasi.
Jauh sebelum Fukuyama meneguhkan kemenangan kapitalisme, sosiolog Amerika Daniel Bell justru meragukan cengkeraman sistem kapitalisme dalam ranah budaya. Dari sudut pandang budaya, Bell melihat banyak terjadi kontradiksi yang berakibat fatal pada perkembangan kapitalisme sebagai sebuah ideologi mutakhir. Sebut saja misalnya, kemajuan teknologi informasi yang ditandai dengan kemajuan internet, di satu sisi mampu menghubungkan relasi sosial antar individu melampui rentang jarak sekaligus mempermudah mencari sumber-sumber informasi dan data, akan tetapi di sisi lain terjadi penguakan tabir individual yang menjadi idaman masyarakat kapitalisme.
Bell melihat pembentukan masyarakat kapitalisme dari aspek sosiologis tidak lagi bersifat komunal melainkan imajinatif, atau meminjam istilah Benedict Anderson sebagai "masyarakat imajiner (Imagine Community). Kita dapat melihat berdirinya sentra-sentra bisnis yang lebih berorientasi mengakumulasikan keuntungan daripada sebagai media ekspresi pergaulan. Pengukuhan mall dan hypermart menegasikan aspek-aspek adiluhung kemanusiaan seperti mencintai, tegur sapa, membantu sesama, silaturahim, dan bercengkerama semua itu diganti dengan transaksi, menawarkan barang, promosi, beriklan, membagi brosur, menentukan pilihan benda, dan sejenisnya yang bermuara pada aspek yang sangat dibenci Marx "akumulasi modal".
Dunia kapitalisme adalah dunia pencitraan. Kemasan menjadi nilai yang paling berharga daripada substansi. Reduksi makna luar bias terjadi. Dunia fashion, peran media massa, franchise dan sejenisnya menghadirkan kesadaran semu akan konstruksi budaya yang dihadirkan oleh kapitalisme. Bagi Bell sendiri, meskipun tidak mengisyaratkan secara langsung, keruntuhan kapitalisme tinggal menunggu waktu ipso facto "the cultural contradiction of capitalism".
Kegalauan serupa diteriakkan oleh Foucoult, Fromm, Mazhab Frankfrut yang diwakili Adorno dan Herbert Marcuse, Derrida, Myrdal, dan lain sebagainya. Sisi-sisi kelemahan tersebut menjadi otokritik yang paling mengerikan dalam sejarah perkembangan kapitalisme. Meskipun dewasa ini kapitalisme diselamatkan dengan program bailout, pengucuran dana milyaran US dollar untuk menyelamatkan segelintir perusahan demi keberlanjutan hegemoni Barat dan Amerika, sesungguhnya menunjukkan watak asli kapitalisme yang jauh dari nilai keadilan. Padahal keadilan menjadi filosofi dasar berdirinya kapitalisme, dimana keadilan merupakan roh etika dan moralitas seperti yang didengungkan pendiri kapitalisme Adam Smith.
Selain itu, kritik tajam ditujukkan pada jantung nilai kapitalisme, demokrasi. Deng Xiaoping, Bapak Pembangunan China Moderen mengkritik pedas penerapan demokrasi ala "barat" yang dianggap harga mati dan tidak bisa ditawar-tawar lagi bagi negara bangsa yang ada dewasa ini. Nilai demokrasi berupa sistem multi-partai, pemilihan umum yang bebas dari tekanan, adanya oposisi, kebebasan pers, berpendapat, dan sejenisnya ternyata tidak mendatangkan tingkat kesejahteraan yang ekuivalent. Kasus yang paling gamblang adalah negara India, Filipina, dan Indonesia. Ketiga negara demokrasi ini di bidang politik mengalami kemajuan luar biasa, terutama Indonesia pasca reformasi 1998, namu tidak berimplikasi pada tingkat kesejahteraan masyarakat yang memadai.
Di sinilah hadir sebuah anti-tesis dari sistem developmentalisme-kapitalisme-demokrasi vis a vis dengan ekonomi ala negeri Tirai Bambu tersebut. Adagium yang sangat terkenal dari "Kamred" Deng adalah "kita tidak butuh kucing itu berwarna hitam atau putih yang penting dapat menangkap tikus". Ungkapan ini menjadi paradigma epistemik yang sangat berpengaruh dalam pola-pola dan perancangan pembangunan pasca Mao tahun 1978. Deng tak segan-segan menggunakan senjata untuk menumpas tindakan anarkhis yang merongrong kewibawaan negara, dan berakibat fatal dalam merusak arah dan program pembangunan yang dijalankan pemerintah dengan bantuan Partai Komunis Cina. Peristiwa Tianamen yang berdarah pada tahun 1989, dianggap oleh Deng hanya sebagai tumbal pembangunan. Setelah peristiwa itu China mencatat pertumbuhan lebih dari dua digit selama dua dasawarsa terakhir. Posisi China pada tahun 2008 telah merebut kekuatan ekonomi terkuat no. 3, Jerman dan diperkirakan 5 tahun mendatang China dapat menggeser kekuatan ekonomi Jepang yang berada diposisi 2. Bahkan tak lama kemudian, 50 tahun akan datang China mampu menggeser ekonomi Amerika Serikat diposisi 1.
Fakta-fakta tersebut menjelaskan dengan definitif bahwa China maju bukan karena nilai demokrasi yang menjadi propoganda Amerika untuk memaksakan jehendaknya kepada negara-negara dunia ketiga. Terjadinya polarisasi perimbangan kekuasaan itu, berpengaruh besar pada pertaruhan ideologi kapitalisme global. China sekarang mulai mengkespansikan ekonominya ke begara-negara Afrika dan Amerika Latin yang membuat gerah Amerika.
Kelesuan ekonomi Amerika, rendahnya tingkat daya beli masyarakat, kredit macet di bidang perumahan, PHK massal, kebangkrutan korporasi-korporasi dan bank-bank global memperburuk citra kapitalisme. Program penyehatan dan bantuan likuiditas sebagian besar negara-negara yang sedang diterpa krisis itu menjalar pada praktik dumping dan proteksionisme yang sangat dilarang oleh WTO. Bagi sebagian kalangan, itu merupakan tanda-tanda kehancuran kapitalisme.